في نظرية الجوهر عند المتكلمينَ – عن ابن رشد ومحدثي الدارسين
#أوارق_أشعرية 7: في نظرية الجوهر عند المتكلمينَ – عن ابن رشد
ومحدثي الدارسين
يرد، تعليقًا، في أحد هوامش «قراءة»،
أو تحقيق، محمد أمين السماعيلي (جامعة محمد الخامس، الرباط) كتابَ شرح أم البراهين لشيخ
الجماعة محمد المَكِّي البطاوري (ت. 1355هـ/1936م) ما يلي:
«نظرية:
العالم مركب من جواهر فردة وأعراض نظريةٌ تنتمي إلى الفلسفة اليونانية الإغريقيّة
لو تجنبها محمد المكي البطاوري وبما أوتي من علم لتحقق دليل القرآن الذي ليس
معتاصا في البرهنة عن الذات والصفات بطريقة سلسة وبرهانية غير معقَّدة. ولما كان
كذلك لنظرية الحدوث والقِدم من سبب» (ص. 93 هـ. 4).
لم تكن جلّ التعليقات
التوضيحية، والتفسيرية، التِي ذيلت صفحاتِ التحقيق موفَّقة؛ حيث بدا في بعضها
سطحية ظاهرة مقارنة بمحتوى النص المحقَّق، ولا نقدِّر أن أحدًا ممن يبغِي التقريبَ
سيجد فيها كبيرة فائدة سوى تشويشٍ مخلٍّ حفته اعتباطية في اختيار مواطن الشروح، أو
ما يفترض أن يكون مفتقرًا إلى ذلك (انظر مثلا: ص. 66 هـ1؛ 71 هـ3؛ 76 هـ2؛ 81 هـ1،
8؛ 86 هـ1؛ 95 هـ2). إلى هذا؛ سيلاحظ القارئ أن الدارس السماعيلي لا يميل مطلقًا
إلى تفسير المسائل الكلامية أو توضيحها، وأحيانًا يعقب بما يفيد، لدى القارئ، عدمَ
جدوى المقروءَ أو فائدته نحو ما قرأته أعلاه (ص. 71 هـ3؛ 76 هـ2؛ 81 هـ1؛ 85 هـ1؛
86 هـ1؛ 81 هـ4). ولا يمكن، والحال هذِه، أن نقع في شيءٍ من الاستغراب من أمرنَا لأن
«مقدمة» التحقيق المسترسلة تؤكد أنَّ إخراج نصّ كلاميّ أشعري محدَثٍ، من قِبل
المحقق، لم يكن بغرض «بعث المشكلات الكلامية من مرقدها» (ص. 20)، وإنما كان لقصد إصلاحي
تحديثي يُخضع شرح أم البراهين للبطاوري لـ«قراءة» أشعرية معاصرة يشوبها موقف
يساوق، تمامًا، قراءات تاريخية سلبية لمواضيع من الكلام الأشعري؛ نحو تلك القراءات
التِي دافع عنها الدارس المصري محمود قاسم (ت. 1973م) مضمرًا، أو مظهرًا تارة، خلفياتِ
الدفاع عن مناقضاتِ مناهضِ الأشعريّة الكبير الفيلسوفِ أبي الوليد ابن رُشد (ت.
595هـ/1098م)، ولا نعدم هذَا في هوامش السماعيلي؛ إذ يعمد في موضعين من التحقيق،
على الأقل، إلى استعادة غير مباشرة لأفكار رشدية بوساطة محمود قاسم (في ص. 76 هـ2
يرد اقتباس فقرة كاملة مصدرة بـ«قال ابن رشد» مع أنَّ الكلام لمحمود قاسم!. انظر ظلال
ذلك الآراء الرشدية في: ص. 86 هـ1؛ 93 هـ4).
هذه إذن هي الخلفية التي لن نجد
لها ذِكرًا في لوح المراجع؛ لكن ماذا عن نظرية الجوهر والاقتباس أعلاه؟ نزعم ألا
خلافَ بين دارسي وخبراءِ النصوص الكلاسيكية لفلاسفة الإسلام والمتكلمينَ، على
السواء، في اعتبارهم أنَّ معنى الجوهرَ، مصطلحًا تقنيًّا، لا يحمل نفس الدلالة الفنية
في التقليدين؛ ففي تقاليد الفلسفة يتقصَّد بمفهوم الجوهر، أنطولوجيا على الأقل وضمن
شبكة من المعانِي، «الموجود لا في موضوع»، وهو، وفق رؤى تشتبك فيها الميتافيزيقا
بالطبيعيات الكلاسيكية؛ إما عقل جوهري مجرد، أو نفس، أو صورة، أو مادة، إن كانت هذه
مرادفةً لـ الهيولى. والجوهر في تقاليد المتكلمين، مقابلَ ذلك، هو ذاك الموجود
الممكن القائم بذاته الحامل للأعراض؛ فتصير لفظة الجوهر ذات مفهومين،
آنئذٍ، أحدهما غير الآخر؛ لأن ما يراه الفلاسفة تصورًا للوجود ليس نفس تصورات
المتكلمين ورؤاهم.
لقد كان الدارس التركي إيهَان
كُتلويرİlhan Kutluer ، في مقالة مدخلية
بالموسوعة التركية للإسلام DİA TDV İslâm Ansiklopedisi، قد عبر عن الفرق بخلاصة مهمة. قال:
الجوهر
الفرد. موازاةً مع استخدام أرسطو،
في الكتاب السابع من الميتافيزيقا (I,
1039a, 5-15)، مصطلح
"ousia" (الجوهر) للإشارة إلى مفهوم ديموقريطوس عن الذرة؛ استخدم
المتكلمون المسلمون، أيضًا، كلمة "الجوهر" باسم الجوهر الفرد (cevher-i ferd) والجوهر
الواحد el-cevherü’l-vâhid، معبرين عن الذرية بتركيبات أخرى نحو الجزء الوحيد el-cüz’ü’l-vâhid،
الجزء الذي لا يتجزأ el-cüz’ ellezî
lâ-yetecezze’ (جزء لا يتجزأ cüz-i lâ-yetecezzâ).
[إضافة إلى هذا استخدام] توصلوا إلى نظرية ذرية تناقض كلية مفهومَ الجوهر عند فلاسفة
الإسلام، وهو تناقض يشمل أيضًا القائلين بالذرية من ماديي العصور القديمة. ورغم التشابه
الاصطلاحي، فقد وضع المتكلمون المسلمون مفهوما للجوهر يختلف، تماما، عن نظرية الذرة
لدى اليونانيين القدماء بداءةً وانتهاءً بالنتائج النظرية، وهو ما يجعل تقاليدهم في
اختلاف تام عن النظرية المادية للذرية والفهمِ الأرسطي للمادة.
Cevher-i ferd. Aristo’nun Métaphysique adlı eserinin VII. kitabında (I, 1039a, 5-15) “ousia” (cevher) terimini Demokritos’un atom kavramı karşılığında kullanmasına paralel olarak İslâm kelâmcıları da cevher kelimesini
el-cevherü’l-ferd
(cevher-i ferd), el-cevherü’l-vâhid gibi terkipler
halinde atom karşılığında kullanmışlar; yine atomu el-cüz’ü’l-vâhid, el-cüz’ ellezî lâ-yetecezze’ (cüz-i lâ-yetecezzâ) gibi başka terkiplerle de ifade etmişlerdir. Ayrıca onlar İslâm filozoflarının cevher anlayışına tamamen zıt atomcu bir teoriye ulaşmışlardır. Ancak bu zıtlık İlkçağ’ın materyalist
atomcuları bakımından da söz konusudur ve aradaki
terminolojik paralelliklere rağmen müslüman kelâmcılar, hem hareket noktası hem de nazarî sonuçlar bakımından Antikçağ Grek atomculuğundan bambaşka bir cevher anlayışı ortaya koymuşlar, böylece kendi geleneklerini
gerek materyalist atomculuktan gerekse Aristocu cevher anlayışından tamamen farklı bir mecrada geliştirmişlerdir.
(ترجمة شخصية غير أمينة)
“CEVHER”, TDV İslâm Ansiklopedisi:
https://islamansiklopedisi.org.tr/cevher
وكتبه: محمَّد الراضيّ ..
تعليقات
إرسال تعليق