مراجعة فقرة من كتاب التسديد في شرح التمهيد
في التسديد في شرح التمهيد ورد ما يلي:
«ولو حدّ وقيل فيه: ما وجد، وليس لمن وجده به عليه قدرة حادثة لم يصح، ويطعن عليه أيضا في نفس المخلوق بالكذب، وهو مخلوق، ولا يوصف باللزوم لأنه عرَضٌ».
كذا في النص المحقق (تح. رشيد عمور، ج. 1: ص. 198 = علامات الترقيم كما في أصل الاقتباس!)، وفي العبارة اضطراب، لعله يُرفع بعد تيسر مراجعة الأصل الخطيّ، أو مناقشة العبارة؛ لذا أقترح ما يلي:
⁃ إبدال «لمن وجده به» بـ«لمن وُجدَ به»؛ أي لمن وُجد قائمًا به (القيام: الاختصاص الوجودي لـ الأعراض).
⁃ تحتمل عبارة «ويطعن عليه أيضا في نفس …» نحوين من التدخل: 1. تقدير سقوط «بما» فيكون الأصل: «ويطعن عليه أيضا [بما] في نفس»؛ 2. أن تكون «بما» أصل «أيضا» فيكون ثمة تصحيف: «ويطعن عليه [بما] في نفس».
⁃ يظهر من سياق الكلام (راجع: ج.1: 197-98) أن «الكذب» تصحيف لـ«الكسب»؛ فالأصل: «بما في نفس المخلوق بالكسب» —وليقابل على الأقل بقوله «وليس لمن وجده به عليه قدرة حادثة»—، على أن «في نفس» مظنة لوقوع القارئ في اشتباه؛ لأنها، هنا، بمعنَى «الذات» القائمة التي تكونُ محلاًّ للوصف الوجوديّ، فليستْ بمعنى الماهية (نفسُ الشيء ماهيته) أو بمعنى النفس التي هي المرادة بقول الأشعرية: الكلام النفسيّ؛ حتى يقال إن لفظة «الكذب» يصح إن حملت الكلمة عليها.
⁃ بالعودة إلى مجمل العبارة نقول: لما اعترضَ الديباجيّ على لفظتين من تعريف القاضي الباقلانيّ لـ«العلم الضروري» وهما «لَزمَ» و«المخلوق»؛ أبدل التعريفَ بمصطلحِ «وُجد» بناءً على القول باستحالة بقاء الأعراض زمانين —أحد قولي الأشعرية— وعدم صحةِ إطلاق «الحدوث» و«المخلوق» على الموجود المستمرّ الوجود في الزمان الثّاني. ولما كان هذا كذلك اعترض الديباجي على تعريف آخر للعلم الضروري يفترض أن يكون سالمًا من اعتراضين: «ما وجد وليس لمن وجد قائما به عليه قدرة حادثة»؛ لكنه، لافا للمفترضِ، لا يسلم من وجهين، وفق تأويلنا المقترح أعلاه: 1. الموجود ضرورةً كالموجود خلقًا من حيث تعلق الإحداثِ بهما؛ أي الاستواء في المخلوقية؛ 2. الموجود ضرورةً كالموجود خلقًا في حمل «اللزم» عليهما بمعنى البقاء زمانين؛ للتماثل في الوجود العرضي (ج. 1: 197).
تأويل آخر:
يحتمل أن يكون كلامنَا قبلٌ ساقطًا لوجه: أن تضاف على عبارة «من نفسه» على التعريف فيصير: «لمن وجده به [من نفسه]»؛ أي يكونَ ما عُقِد في نفس المعتقدِ عقدًا جازمًا بحيث لا قدرة حادثةً على دفعه دون أن يكونَ عَقده متعلَّق القدرة الحادثة؛ فيكون مآل العبارة عائدًا إلى تعريف القاضي العلم الضروري في التمهيد (ج. 1: 197). وأنت خبير بأن «النفس»، هنا، تحمل على ما كان مضافا إلى الكلام أي الكلام النفسي. وهذا تأويل لا يسلمُ وإن كان له وجه أو وجوه باعتبار كلام الديباجي.
--
محمّد ..
تعليقات
إرسال تعليق