تحليل صوريّ لـ علاقة اللزوم – عودة إلى نظرية بعض المناطقة العرب
تحليل صوريّ لـ علاقة اللزوم – عودة إلى نظرية بعض المناطقة العرب
لأحدِ نظَّارِ
عِلميْ الكلام والمَنطق، فضلاً عن الفلسَفة، من المتأخرينَ رسالةٌ قيّمة لطيفةٌ -غير
منشورة- حَلّل في ثناياها اللّزومَ من خلال إرجاعه إلى أنواع القضايا المركبة في
صُورة الشرطيات المتصلة؛ ويهمّنا من ذلك تحليلُ بعضِ مضمّن الرّسَالة حول اللزومِ من الناحيّة الصّوريّة استنادًا إلى تقريره لتعريفِه وما تتألّف منه تلك العَلاقةُ:
1.
«اللزوم»، حسبَه، عبارة عن «عدم الانفكاك»؛ أي عدم انفكاك اللاّزم
عن مَلزومه المَجْعول، صوريًّا، مُقدّم شرطيّة متصِلة؛
2.
«المَلزوم» هو ما «يلزم من وجوده وجُود اللاّزم ولاَ يلزم من عدمِه
عدمُه» أي عدمُ اللاّزم؛
3.
و«اللاّزم بعكسِه» بمعنى: هو ما يَلزم من عدمه عدمُ اللاَّزم
ولا يلزم من وجودِه وجودُ اللازم؛
على هذا تكون قسمةُ الاحتمالاتِ بين طرفيْ علاقةِ اللّزوم
كما يلي -مع إبدال عبارتيّ الوجود والعدم بـ الثبوت والنفيّ-:
(1)
لزوم بين ملزوم ثابت ولازم ثابت:
صا (سَـ) ← جا (عَـ)
(2)
لزوم بين ملزوم منفيّ ولازم منفيّ:
∼ صا (سَـ) ← ∼ جا (عَـ)
(3)
لزوم بين ملزوم منفيّ ولازم ثابت:
∼ صا (سَـ) ← جا (عَـ)
(4)
لزوم بين ملزوم ثابت ولازم منفي:
صا (سَـ) ← ∼ جا (عَـ)
تمثّل
العبارات المصَاغة أعلاه شرطياتٍ متصِلةً تؤلّف بين قضتين محمولتين في صُورتيْ
الإثبات والسّلب برمز ∼، لتأخذا الصيغتين المَاورائِيتين التّالتين:
Φ (س)، ∼ Φ (س)
حيث ’صا‘ ’جا‘ محمولان، و’سَـ‘ ’عَـ‘ ثابتان شَخصيان، يحيلُ الأوّل
منهما؛ أعني سَـ، على موضوع القضية الأولى التي هي مَلزوم ومقدّم الشرطيّة، ويُحيلُ الثاني منهما؛ أعني عَـ، عَلى موضوع القضية الثّانية التي هي لازِم وتَالٍ.
وبعدُ؛
تأمّل،
إلى ما مرَّ؛ أنه إذا كان الملزوم منفيّا ∼ صا (سَـ) فإنّ اللازم، حينئذٍ، لا يخلو إمّا أن
يكون منفيّا أو ثابتًا:
∼ جا (عَـ) ∨ جا (عَـ)
فإنْ كان
منْفيًّا كنّا أمامَ الحالة الثانية (2)، وهي التي تستلزمُ، حالةَ انتفاء اللّازم، اقتضاء النفيّ من جِهة اللّازم؛ لذا قد يعبّر عنها بالحالة الثّانية (2) مع إبدال
طرفي الشرطيّة وفق هذه الصّورة:
∼ جا (عَـ) ← ∼ صا (سَـ)
كما لو
أن الملزومَ صار لازمًا واللازمَ صار ملزومًا بسبب الاقتضاء في النّفي؛ فتكون، عند
ذاك، الحالةُ الثالثة غيرَ ما قدّرناه، وعليه فهي الحَالة التي لا يَلزم من انتفاء
الملزوم فيها انتفاءُ اللازم، كما في صورة الحَالة الثالثةِ (3) رمزيًّا، كمَا لا
يلزم من ثبوت اللاّزم فيها ثبوت الملزوم وإلا كنّا في الحالة الأولى (1)؛ وهو
المعبّر عنه، نظير الحالة الثالثة (3) رمزيًّا، بـ:
جا (عَـ) ← ∼ صا (سَـ)
أمَّا بخصوص
الحَالة الرابعة (4) فإنها سليمة من حيثُ التقسيم المنطقيّ الحاصِر لكنّها غيرُ
صادقةٍ، وفي هذَا يقول صاحبُ الرّسَالة -متحدثًا عنها باعتِبارها قِسمًا-: «وَقَدْ
تَتَحَقّقُ المُلاَزَمَةُ مِن مَلْزُومٍ كَاذِبٍ وَلاَزِمٍ صَادِقٍ، وَعَكْسُهُ دَاخِلٌ
فِي التَّقْسِيمِ غَيْرُ مُمْكِنِ الصِّدْق» اهـ. وأنت خبير، بعدَ بيان وجه التقسيم
واحتمالاته؛ أن الحالةَ الرابعَة (4) إنّما سَقط صدقها لاقتضائها خَرمَ الحالة الأولى
(1) من حيث إنها عبارة عنْ حُصولِ ملزوم ثابت غيرِ مقتضٍ لـ لاَزِم ثَابتٍ فلاَ مَلزوميّةَ،
ولاقتضَائها، كذلك، خرمَ الحَالة الثَّانِية (2) منْ حيث إنّها حُصول لاَزِمٍ
منفيّ غير مُقتضٍ لـ ملزوم منفيّ فلاَ لاَزميّة.
هذا ما تيسّر تفسيره من أمْر تلك
الرسالة، والله أعلم.
كتبه محمّد الراضي ..
Erradimoham@gmail.com

تعليقات
إرسال تعليق