حولَ تحليل تلازم الشرطيات في المنطق العربيّ

 


حولَ تحليل تلازم الشرطيات في المنطق العربيّ

اقترح بعض المناطقة العرب، من المتأخرين، تحليلاً مهمًّا لتلازم الشرطيات -تحديدًا عند الحديث عن الشرطيات اللزوميّة-. فلئن كان من المقرّر، سلفًا، أن قولنَا -مثلا-: إذا طلعت الشمس فالنهار موجود نوع من الشرطيات اللزومية (انظر: المختصر في المنطق 2020: 182-83)؛ تكونُ، بالتالي، هذه الشرطية المكوّنة، مُقدّمًا وتاليًا، من قضيتين شرطيةً بسيطةَ التّكوين، وعلى هذا فإنّ ثمة تركيبًا للشرطيات المتصلة والمنفصلة يتجاوز هذه البساطة. ويمكن أن تأخذ الشرطية البسيطة التكوين الصورةَ الرمزية التالية وفق قواعد الصياغة المبيّنة في منطق القضايَا:

ق ج

على أن تأخذ شرطيتنا هاته التحليل التالي وفق قواعد صياغة منطق المحمولات:

ك (سَـ) ل (عَـ)

حيث ق ج قضيتان، وسَـ عَـ ثابتان شخصيان يعبران، تواليا، عن موضوعيْ القضيتين ق ج، وك ل محمولا القضيتين. فماذا لو جعلنَا قضيتنا، مثلا، شرطية متصلة كليّة لزومية، مقدّمها قضية واحدة، وتاليها قضيتان، وفق هذه الصياغة الصورية؟:

ج ص)

على أن تُقرأ: كلما إذا/كان ج فإنّ ق وص، وفيما يلي يمكن التعبير عن القضية المصوّرة أعلاه بعبارة مادية هي:

كلّما كان سَـ مُراكشيًا فإنّ سَـ إفريقيّ ومغربيّ.

وأنت خبير بأنّ هذه الشرطية تحلّل إلى القضايا التالية:

1.  سَـ مراكشيّ (مقدّم الشرط)؛

2.  سَـ إفريقيّ (التالي الأوّل)؛

3.  سَـ مغربيّ (التالي الثاني).


           ولنستبعد من ثمة كونَ الموصول الثاني مع الأوّل في: ’إفريقيّ ومغربيّ‘ محمولاً برمته للموضوع سَـ؛ لذا، مُجدّدا، ستأخذ شرطيتنا الترميز التالي وفق صياغة منطق المحمولات:

م (سَـ) (ف (سَـ) مغ (سَـ))

تساعد قواعد الصياغة الصورية، في كلّ من منطق القضايا ومنطق المحمولات؛ على اعتبار الموصولين برمز الوصل ، والمحصورين بين قوسين، تاليا ذا وحدة مجموعيّة، بعبارة المناطقة العرب، لمقدّم ليس سوى قضية بسيطة. هذا؛ ويجدر بنا الانتباه إلى أنّ المحمول م يدخلُ في علاقة خصوص مطلقٍ بالنسبة إلى المحمولين ف مع، ذلك أنَّ هذا المأخذ مفيد جدّا في البرهنة على صدق ما يلزم عن قضيتنا؛ لذا يصير هذا الأمر مُعَبّرا عنه، بناء على معاني بعض رموز علاقات الجبْر الابتدائي، وفق ما يلي:

1.  م > ف

2.  م > مغ

إنّ قضيتنا الشرطية اللزومية المذكورة تستلزمُ شرطيتين كليتين بسيطتين، همَا:

1.  كلّما كان سَـ مراكشيّا كان سَـ إفريقيّا؛

2.  كلّما كان سَـ مراكشيّا كان سَـ مغربيّا؛

وصوريًّا:

1.  ج ق

2.  ج ص

3.  م (سَـ) ف (سَـ)

4.  م (سَـ) مغ (سَـ)

يركب برهان هذا في قياس من الشكل الأوّل ذي مقدمتين شرطيتين؛ صغراها تاليها هو الأوسط، وكبراها مقدمها هو الأوسط -كما تقرّر القواعد الصوريّة لمنطق القياس-:

1.    ’’كلمَا كان سَـ مراكشيا فإنّ سَـ إفريقي ومغربي، وكلما كان سَـ إفريقيا ومغربيًا فإنَّ سَـ إفريقيّ/مغربي‘‘.

ينتج:

2.    ’’كلمّا كان سَـ مراكشيّا كان سَـ إفريقيا/مغربيّا‘‘.

ويصاغ هذا وفق ما يلِي:

((م (سَـ) (ف (سَـ) مغ (سَـ)) ((ف (سَـ) مغ (سَـ)) (ف (سَـ) مغ (سَـ))))  ((م (سَـ) ف (سَـ)) (م (سَـ) مغ (سَـ)))

يسلمنا هذا القياس، وفق قواعد حساب القضايا، إلى الطوطولوجيات Tautologys التالية:

1.    ((ج ص)) ((ق ص) ص)))  ((ج ق) ص))

2.    ((ج ص)) ((ق ص) ق)) ق)

3.    ((ج ص)) ((ق ص) ص)) ص)

أخيرًا؛ فإن المناطقة العرب، أو بعضهم على الأقلّ، لم ينبهوا إلى ضرورة عدم كون المقدّم، في الشرطية المذكورة، أعمّ من محموليْ التالي؛ لأنّ القضية حينئذ تكون كاذبة إن سُوّرت علاقة الشرط بالعموم، والحقّ أن هذا يبدو واضحًا؛ حيث إن فرض الصحة في شرطية لزومية يقتضي كون مقدّمها مستلزمًا لتاليها دون تخلف حتى يصح فرض الحديث عن اللزومية، ومن المقرّر سلفًا أن الأخصّ يقتضي الأعمّ، دون العكس، كما أن المساوي يقتضي مساويه وإلا خُرم مبدأ منْع التناقض، والقياس الفائت يصحّ في صورة كون محمول المقدّم أخصّ أو مساويًا لمحمولي القضيتين اللتين تقعان تاليًا في الشرطية المذكورة.

 

والله أعلم ..

محمّد الراضي ..

Erradimoham@gmail.com


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حوار حول السمعيات والإجماع في الكلام الأشعريّ

في نظرية الحال: تعقيب على حديث للشيخ السّريري

تحليل صوريّ لـ علاقة اللزوم – عودة إلى نظرية بعض المناطقة العرب